البيعة بين الممارسة الديمقراطية والحكم الثيوقراطي

تشهد بلادنا منذ عدة أشهر، على غرار الأقطار العربية الأخرى، ظاهرة جديدة كل الجدة، تتمثل في صحوة وعي سياسي ينفخ فيه الحياة حراك اجتماعي عارم. ففي المغرب كما في باقي البلدان العربية، تطالب الشعوب بإقبار الأنظمة السلطوية، وتعويضها بأنظمة تمثيلية و ديمقراطية. ويتميز هذا المطلب في خاصية جوهرية تلخصها ضرورة رسم الحدود بين السياسي والديني، استلهاما لدروس الماضي وعبره. و الحال أن النظام في بلادنا لم ينفك يوظف الديني لتحقيق أهدافه المتمثلة في وضع العقبات كيلا تحقق الضغوط التي تمارسها القوى الديمقراطية أي نتائج ممكنة مع العمل على التحكم في تلك النتائج وتوجيهها.
ولم تكتف الدولة بتسخير كل أجهزتها في خدمة إصلاح ودستور جديد منزَّل من الأعلى، ولكنها جنَّدت لهذا الهدف كل المؤسسات والشبكات الدينية. فالمساجد و أئمتها وجيوش مستخدميها سُخِّروا للترويج لهذا البرنامج السياسي. وتم الدفع بالزوايا الدينية للخروج إلى الشوارع للوقوف في وجه المتظاهرين، ولا يهم بعدها أن تفقد هذه الطوائفُ طابعها الروحاني. وتم الزج بتيارات وشخصيات ‘إسلامية’ في هذه المعركة، في لا مبالاة تامة بما قد ينجم عن هذه القرارات من نتائج وخيمة.

Share