(الدوامة العراقية: تحليل سياسي للاضطراب الذي يعصف بمنطقتنا (2 من 2

لكن بدلا من العمل على عزل وتصفية هذا النمط من التيار الجهادي المتطرف، الأمر الذي كان يتطلب تواصلا سياسيا مع العالم الإسلامي، هذا بالإضافة إلى الإجراءات العسكرية والبوليسية المركزة، قررت الولايات المتحدة – على حد تعبير رامسفيلد ”البطش بقوة، وكنس كل الأشياء، ما له علاقة وما لا علاقة له منها“. لقد استخدمت الولايات المتحدة الحادي عشر من شتنبر بكونه حدثا كارثيا كما لو كان بيرل هاربر جديدا من شأنه أن يحول إستراتيجيتها الأحادية الجديدة للأمن القومي أمرا مستساغا من الناحية السياسية. وبذلك ، تحول مشروع عزل وتصفية القاعدة إلى ”حرب عالمية رابعة“.
كان بإمكان القاعدة الإطاحة ببنايتين، أما جيش الولايات المتحدة الأمريكية فبإمكانه الإطاحة ببلد بأسره. بغزوها للعراق، لم تواجه الولايات المتحدة تهديد القاعدة لها ولكنها زادت من المخاطر المحدقة بالجميع. إذا كان الحادي عشر من شتنبر. قد خلق حالة متفجرة في العالم فإن غزو العراق هو الذي فجر العالم. لقد غيرت الولايات المتحدة العالم تارة أخرى بحيث أصبح أكثر خطورة، وذلك من خلال استخدامها للقوة الغاشمة لفتح جبهة معركة جديدة لا يمكن التكهن بما ستؤول إليه أو بالمدى الذي ستستغرقه أو الدمار الذي ستجلبه. لقد شنت الولايات المتحدة الأمريكية ما وصفه مسئول كبير في وكالة المخابرات الأمريكية (السى آي إيه) بالحرب الجشعة، إنها حرب أعد لها مسبقا، ولم تأت ردا على استفزاز أو استثارة، حرب شنت ضد خصم لم يكن يشكل تهديدا يذكر وفي تحد صارخ للقانون الدولي والمجتمع الدولي ودونما تخويل من أي قطاع من قطاعات الشعب العراقي، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة هدفا للمقاومة. حتى الرئيس بوش أقر بأنه ما كان ليرضى بالاحتلال الأجنبي لبلده.

Share