صدمات تعرض لها الحسن الثاني غيرت مجرى حياته

إذا جاز لي أن أتحدث عن الملك الحسن الثاني يمكنني أن أقول إن علاقتي به مرت بثلاث مراحل. في الأولى، كان بالنسبة لي العم الذي أعيشه من خلال والدي. فقد كان الوالد خلال هذه المرحلة يلعب أدوارا جد مهمة في الحياة السياسية المغربية. فبيته كان بمثابة قناة مباشرة بين القصر والخارج. فمن جهة كان، يطرقه كل من استعصى عليه المرور المباشر إلى الملك قصد تسهيل مهمته. ومن جهة أخرى، كان الملك يحتاجه في الحالة التي كان يريد فيها أن يجس النبض حول قضية ما أو موضوع ما. إلى الدرجة التي تحول معها هذا البيت، وهو أساسا بيت محمد الخامس، إلى ما يشبه منتدى للحوار والنقاش الذي لا حدود له غير الاحترام المطلق للملك، الذي كان بمثابة الخط الأحمر الوحيد الموجود.

ومثل هذه النقاشات، التي كنت أحضر بعضها، مكنتني من متابعة العديد من القضايا، وبصفة خاصة من معرفة الطريقة التي يتصرف بها العم في إدارة شؤون البلاد ورؤيته للحياة السياسية وللفاعلين فيها. ولا زلت أتذكر جيدا مثلا النقاشات التي كانت تجري في بيتنا إما حول المعارضة أو معها. مع المعارضة، من خلال الزيارات التي كان يقوم بها لنا بعض قادة حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية ثم الاتحاد الاشتراكي فيما بعد. وحولها، من خلال النقاشات التي كانت تتم بين الوالد والعم، والتي كانت تتخذ في بعض الأحيان طابع الحدة. وأذكر أن ما كان يثيرني في تلك الفترة هو العلاقة الجيدة التي كانت للوالد مع المعارضة، وبصفة خاصة مع الاتحاديين، كعبد الرحيم بوعبيد وعبد الله إبراهيم وعبد الواحد الراضي، لأن العلاقة مع حزب الاستقلال، التي كانت تتم مع بعض قادته كعلال الفاسي وعبد الخالق الطريس، كان يغلب عليها الطابع الرسمي والتقليدي. ومصدر هذه الإثارة كان يكمن في أنني كنت أعتبر الاتحاديين نوعا آخر من البشر غير البشر الذي أنتمي إليه.

Share