من البحر الأبيض المتوسط إلى شبه القارة الهندية: تجمعت كل عناصر كارثة إستراتيجية أمريكية

بعد الثورة الإيرانية سنة 1979، أغرت بعض المسؤولين السياسيين الأمريكيين فكرة أنه بالإمكان استعمال القوات الإسلامية لمواجهة الاتحاد السوفياتي. ووفق هذه النظرية التي بلورها زبيغنيو بريزينسكي، مستشار الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر، هناك «قوس أزمة» يمتد من المغرب إلى باكستان، وفي هذه المنطقة بالإمكان تعبئة «قوس الإسلام» لتطويق الهيمنة السوفياتية. ألم يسبق أن استُعملت هذه القوات الإسلامية المحافظة خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي لتهميش وإفشال الأحزاب الوطنية العلمانية واليسارية في المنطقة بداية من إيران سنة 1953؟ ألا يمكن أن تكون إيران الأصولية المحفز لتمرد إسلامي في قلب الاتحاد السوفياتي؟
بعد ذلك، تأرجحت الولايات المتحدة بين عدة سياسات في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. لم يكن لها سوى هدف مزدوج، النصر في الحرب الباردة ودعم إسرائيل، لكن الوسائل المستعملة والدول المدعومة اختلفت بشكل متناقض في بعض الأحيان. فالولايات المتحدة دعمت رسميا العراق في الحرب ضد إيران (1988/ 1980) في الوقت الذي وافقت فيه على تسليم أسلحة إسرائيلية لإيران، في ذلك الوقت، كان المحافظون القريبون من تل أبيب يعملون بنشاط من أجل تحول لصالح طهران، لأن إسرائيل كانت لاتزال تعتبر القومية العربية العلمانية كعدو أساسي لها وتدعم الإخوان المسلمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة لمواجهة منظمة التحرير الفلسطينية. هذه الإستراتيجية بلغت أوجها من خلال تحالف واشنطن مع العربية السعودية، وباكستان سمحت على الخصوص في الثمانينيات، بخلق جيش جهادي دولي لمحاربة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان.

Share